العلاج النفسي بعد موت الاله
العلاج النفسي بعد موت الإله..
تعتبر الخلفية الإجتماعية والثقافية للفرد بالغة الأهمية لتحديد محكات التشخيص ووضع الركائز الأساسية للعلاج فيما بعد، فبنية المجتمع العربي مثلا وترابطه تجعله يختلف اختلاف شامل عن فردانية المجتمع العربي، فحتى أثناء المقابلة الاكلينيكة يحاول المعالج تبين علاقة العميل بأسرته طوال مراحل حياته، بسبب ارتباط الفرد بعائلته وامتداد تأثيرها عليه حتى بعد مرحلة التنشئة الاجتماعية، عكس طبيعة العلاقات الأسرية الغربية والتي تتسم غالبًا بالتفكك والاستقلالية، فنرى أنه ربما لا يتعد تأثير الأسرة سن البلوغ.
كان عالم الإجتماع “جوستاف لوبون” يرى أن المعتقدات الدينية مبنية على أساس عاطفي -يتشربه الفرد من جماعته أثناء عملية التنشئة الإجتماعية- أكثر منه منطقي؛ فعلى أساس الدين السائد يتولد لدى الجماعة حسها الأخلاقي ومعيارها
الثقافي وحتى فلسفة الدين نفسه يمكن أن تخضع لثقافة هذا المجتمع وتتماهى معه، فهنا نرى أن بين ثقافة المجتمع والدين السائد علاقة ديالكتيكية، ونرى اتفاق الكاتب “فراس السواح” مع هذه النقطة، أن الدين يمكن اعتباره فلسفة جماعية، وبمثابة وليد التقاء سمات وثقافة المجتمع، فيرى أن الفكر الديني يخضع لتطور المجتمعات البشرية، ويظهر هذا بتجلي في المعتقدات الدينية البدائية في الشرق.
أعلن في عام ١٨٨٢ الفيلسوف فريدريش نيتشه أن الإله قد مات، معبرًا عن فقد البشرية التوجه الأساسي للحياة آنذاك ، وانتظار الفراغ أو العبث اللانهائي، ومنذ ذلك الوقت أصبح الدين من وجهة الاوروبيون مجرد قناع لإخفاء النفاق الجنسي ودعم العنصر ية.
كشفت الأبحاث المختلفة في الولايات المتحدة أن الخبراء النفسيين هم الفئة الاقل إيمانا من باقي مجموع الشعب!
بينما على طرفي النقيض نجد العكس في الدول الشرقية لاسيما الإسلامية؛ فهنا تبيّن أن الخبراء النفسيين لا يختلف عمق إيمانهم عن باقي مجموع الشعب.
يرى الباحثين ان سبب تلك الفجوة أن الغرب يتبنى اتجاه التحليل النفسي الفرويدي والذي اتخذ موقفًا خاصًا، وأن الإيمان بالله يسبب الشعور بالذنب والاتكالية والإعتمادية الضارة ببناء الشخصية.
للأسف معظم العاملون في الصحة النفسية بدأوا بالخلط بين الدجل والتطـ. رف وبين الدين والإيمان بالله.
في مقال تم نشره عام ٢٠٠١م بعنوان “الإيمان والصحة النفسية على عتبة القرن القرن القادم”، وصف «د.أحمد عكاشة» هذا بمصطلح “كبت الدين”، منوهًا على أهمية التفريق بين الضلالات والأوهام، وبين الجانب الديني والروحاني للفرد فهو هنا باعث داخلي وليس ضلالة أو فكرة قهرية غير قابلة للمناقشة عاكسة للمنطق!
فالدين ليس في حد ذاته مقياسًا لسواء الفرد او وقاية في حد ذاته، لكن “فكرته نفسها عن العقيدة والله وماذا تعني الحياة بالنسبة له؟”.
فبالأساس من مهام علم النفس هو تقريبنا ممن حولنا وتصالحنا مع واقعنا، لا الفصل بين ما ندرسه وبين واقع حياتنا وخلفيتنا الثقافية، ففشل المختص النفسي في احتواء الإيمان والتفكير في علم النفس والطب النفسي سيؤدي إلى ابتعاد هذا التخصص عن تجارب الفرد والحياة اليومية.
ليس من المُسلم به دائما اعتبار مقولة:
«الدين أفيون الشعوب»
حقيقة خالصة، خاصة وأنها سياسية بالأساس اكثر منها شطحة إنسانية.